المحكمة الأوروبية ترفض الإساءة للرسول... قرار لم يجرأ العرب على اتخاذه؟

0

حكم تاريخي نطقت به المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وقضت بتجريم الإساءة للرسول محمد، انتصرت للمقدسات الدينية ورفضت إدارج الحط من قدر المقدسات بعمومها ومنها العقيدة الإسلامية، ضمن حرية الرأي والتعبير، لتؤيد بذلك حكم المحكمة الجنائية الإقليمية في فيينا بالنمسا التي كانت صاحبة السبق في رفض السماح بالطعن في النبي محمد، واعتبرته تجاوزًا لحدود الحرية المكفولة للأشخاص، ويدخل ضمن نطاق الاستهزاء المجرم.
وبهذا الحكم غير المسبوق، دخلت أوروبا مرحلة ما بعدها ليس كما قبلها، في السابق كان أحد أهم أركان الحضارة الأوروبية الحديثة، إطلاق العنان للحريات التي تأسست على مظالم القرون الوسطى وشرورها وقيودها التي منعت الناس آنذاك من ممارسة حرياتهم بكل صورتها بوازع ديني كهنوتي، فكان الحل في إباحة حرية التعبير والاحتجاج والتظاهر ونقد الموروث الديني بل وإزاحته للخلف، للاحتفاظ بمقومات الحداثة في مواجهة التخلف والقيود.
وبمرور الوقت وعدم إظهار الخط الفاصل بوضوح تام بين الحرية بالفوضى، تجاوز غالبية أبناء الغرب الحدود المكفولة لحرية الأشخاص تجاه معتقدات الآخرين، وبشكل خاص الدين الإسلامي الذي زادت جرعات الاستهزاء منه والاستهانة بمشاعر المسلمين الذين يؤمنون بنبوة ورسالة النبي محمد، ويرفضون أي محاولة خبيثة مغموسة بفوبيا الحداثة للإساءة إليه.
النمسا.. البداية الحقيقة في الانتصار لـ"العقائد"
عام 2009، اختصم بعض المسلمين سيدة نمساوية، بسبب إقامتها ندوتين للحديث عن الإسلام ونبيه، هاجمت السيدة الدين الإسلامي بشكل فج وتعرضت لشخص الرسول بأحاديث من مصادر ثانوية ومغلوطة عن زيجاته، وتعدى عرضها حدود أي قالب متعارف عليه في مناهج البحث العلمي، ووثق الشاكين تعرضها للنبي بالإساءة والاستهزاء والسخرية.
حرية الرأي والتعبير من أهم القضايا المشوشة في العالم، ومن الصعب القبول بتعريف محدد لها
اختُصت المحكمة الجنائية الإقليمية في فيينا بالفصل في النزاع، وإن كان الطعن في نبي الإسلام، يدخل ضمن الحدود المسموح بها لحرية التعبير، بما يؤسس على الحكم للسيدة وغيرها فيما بعد، نظرت المحكمة القضية وتداولتها ثم أصدرت حكمها التاريخي في 15 من فبراير2011، واعتبرت أن التصريحات المسيئة التي أطلقتها السيدة النمساوية، لا تتعدى حرية الرأي فقط، ولكنها تهين المعتقدات الدينية، وإثر ذلك قضت المحكمة بتغريمها 480 يورو بجانب مصاريف التقاضي.
لم تصمت السيدة النمساوية وملأت الدنيا صراخًا، وطعنت على الحكم وسط حملة إعلامية صاخبة، ولكن جاء حكم محكمة الاستئناف صارمًا، وأيد حكم الجنائية الإقليمية في ديسمبر من العام نفسه، وكان الحكم حديث الأوساط القضائية والسياسية والإعلامية في هذا التوقيت، ولكن ظروف اندلاع الربيع العربي وانشغال العرب والمسلمين بمستقبل بلادهم بعد عقود من الفساد، ألهى الجميع عن متابعة سير قضية بهذا الحجم والخطورة.
طوال سبع سنوات، ظل القرار حبيس النقاشات داخل المجتمع النمساوي، وبسبب عدم وجود إعلام محلي ذائع الصيت عالميًا، كما هو الحال في أمريكا وبريطانيا، لم ينل الحكم حقه من المتابعة سواء على المستوى العالمي أم العربي والإسلامي، حتى أيدته في 25 من أكتوبر الماضي، المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ورفضت الطعن في النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، واعتبرت الإساءة إليه لا تدخل ضمن حدود الحرية الشخصية.
المحكمة الأوروبية استندت إلى تجاوز تصريحات السيدة النمساوية ما أسمته الحد المسموح به في النقاش، وصنفته كهجوم مسيء على رسول الإسلام، وفي ظروف كتلك التي يمر بها العالم، يمكن لمثل هذه الأفكار أن تعرّض السلام الديني للخطر، وفي المقابل أشادت الأوروبية بأداء ومهنية المحاكم المحلية في النمسا، وأكدت أنها قامت بتوازن دقيق بين حق المرأة في حرية التعبير وحق الآخرين في حماية مشاعرهم الدينية والحفاظ على السلام الديني في النمسا.
حرية الرأي والتعبير.. ما كل هذا الجدل؟
حرية الرأي والتعبير من أهم القضايا المشوشة في العالم، ومن الصعب القبول بتعريف محدد لها يناسب كل المجتمعات المختلفة ثقافيًا واجتماعيًا، سواء على مستوى التنظير أم التطبيق، ويقع هذا الاختلاف نفسه في أعتى الديمقراطيات الأوروبية التي تتشرذم حتى الآن في تحديد مفهوم محدد للعلمانية، ويمكن النظر إلى المجتمع الأمريكي والبريطاني والفرنسي لمعرفة حجم التباين في النظرية والتطبيق، بين الدول الثلاثة الأكبر في العالم والأشد حرصًا على الرأي والتعبير وفصل الديني عن السياسي والاجتماعي، في مفاهيم الدنيوية والتطبيقات العلمانية التي يجب أن تكون.
كانت بريطانيا أول من وضع حرية الرأي والتعبير ضمن القوانين المعمول بها بشكل رسمي في البلاد، بعد الإطاحة بالملك جيمس الثاني من حكم إنجلترا عام 1688، والصدامات التي عاشتها البلاد بسبب ديكتاتورية جيمس، وبعد تولي الملك وليام الثالث الحكم، أصدر البرلمان البريطاني قانون أسماه "حرية الكلام في البرلمان".
تلا ذلك إعلان فرنسا حقوق الإنسان والمواطن عام 1789 عقب اشتعال الثورة الفرنسية، ونص القانون على اعتبار حرية الرأي والتعبير، جزء أساسي من حقوق المواطن، بينما تأخرت أمريكا بسنوات طويلة عن بريطانيا وفرنسا التي نص دستورها آنذاك على تجريم معارضة الحكومة الفدرالية جريمة، ولهذا لم تكن هناك مساواة في حقوق حرية التعبير بين السود والبيض.
في منتصف القرن الماضي، ورغم انتهاء العالم من الحروب العالمية المدمرة، وسيادة أجواء توقر القانون الدولي وتدعو لتجنب الصراعات، أغفلت الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أصدرت عام 1948، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتضمن نفس الوساوس البريطانية الفرنسية عن ضرورة إعطاء كل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير.
وأكد المجتمع الدولي على هذه المبادئ من جديد عام 1966، بإصدار العهد الدولي للحقوق المدينة والسياسية الذي تضمن توسيع صلاحيات حريات الرأي والتعبير وشدد على حق كل إنسان في اعتناق الآراء دون مضايقة، والتعبير عنها ونقلها للاخرين دون اعتبار للحدود بالوسيلة التي يختارها، ودون أن يضع في الاعتبار ما يمكن أن يصدر من إساءات للأديان بسبب هذه الحدود غير الواضحة بين الحرية والإساءة للغير. 
حرصت قوانين المجتمع الدولي والمجالس والمعاهدات المهنية المعنية بضمان حق الرأي والتعبير، على ضرورة عدم التعرض بالإساءة لمعتقدات الآخرين، واعترفت أن المعتقد هو المؤثر الأول في المشاعر الإنسانية، والإساءة له قد يثير ردود فعل غير محسوبة من أصحاب المعتقد، وطالبت عدم تكفير الأشخاص والافتراء عليهم، وعدم التطاول على الذات الإلهية أو الأنبياء والرسل، وأن لا يستغل حق التعبير عن الرأي في أغراض مريبة، ولا بطريقة تستفز الآخرين وتدعو إلى إشاعة الرذيلة والفساد داخل المجتمعات، ورغم ذلك لم يكن المجتمع الأوروبي حريصًا على احترام العقائد، بل كان يقف دائمًا في موقع المتفرج على الإساءات للمعتقدات الدينية وخاصة الإسلام.
بعض صحف فرنسا، وفي القلب منها  شارلي إيبدو، أشاعوا مناخًا من الكراهية بذم الإسلام، ورغم ذلك تسارعت القوى السياسية والاجتماعية إلى الدفاع عنها بحجة الدفاع عن الرأي والتعبير، وكذلك في الدنمارك وبعض الدول الإسكندنافية، كانت الصحف تلبي حاجة في أوساط المثقفين الغربيين وخاصة الفرنسيين منهم بممارسة نوع من الغطرسة الثقافية، سواء تجاه الأقلية المسلمة الكبيرة هناك، أو العالم الإسلامي بشكل عام، الذي يرتبط في أذهانهم بشكل وثيق بالإرهاب والتطرف والعنف والتخلف الحضاري.
العرب.. السلبية تحكم
طوال العقديين الماضيين اللذين انتشرت فيهما الإساءة والتنمر الثقافي على الإسلام والمسلمين بشكل غير مسبوق، لم يكن لدى العرب والمسلمين موقف رسمي يعبر عن انحيازهم لهويتهم الثقافية والدينية، فلم تتحرك الحكومات العربية لإحداث نوع من التغيير والتأثير داخل المجتمعات الغربية عبر المؤسسات البحثية والإعلامية المعنية، سواء لغياب هذه المقدرات عن الوعي العربي أم لخوف الحكام العرب من تأصيل ثقافة المواجهة بالكلمة، التي يمكن أن تنتقل للداخل المأزوم المنكفئ على حاله.   
باستثناء بعض الاجتهادات لمنظمة التعاون الإسلامي والمبادرات الشخصية للسفراء العرب في مخاطبة العديد من المسؤولين لوقف الحرب على الإسلام، التي باءت جميعها بالفشل، تركت الحكومات العربية المهمة كاملة للتيارات الدينية، وفتحت لها الشوارع لتنظيم مظاهرات تحرق أعلام الدول الأوروبية وتندد بالحداثة وتنعتها بالمجون والرغبة في شيوع الانحلال والكفر، بما يروق للقادة العرب ويطيل من أعمارهم في الحكم، وهي المرادفات التي لا تزال تحكم عقول الكثير من الأجيال التي عاصرت تلك الحقبة، وحاربت شباب الربيع العربي وروجت إما للأنظمة السابقة أو دعمت الأنظمة الجديدة التي أسست شرعيتها على فشل الإسلاميين في الحكم، ورفضت الحقوق الواسعة للرأي والتعبير التي جاءت بهم الثورات العربية. 
انحصر الرد العربي والإسلامي في الهجوم على الحداثة والثقافة الأوروبية عبر المنابر الإلكترونية والإعلامية للمشايخ وأئمة السلف، وبدلاً من إحداث نوع من التفاعل بين الثقافات والتأسيس على هذه الأزمات لتأكيد ضرورة إباحة حرية الرأي والتعبير للمسلمين، وفتح الإعلام والمنابر الثقافية للتفاعل مع الآخر، وإظهار الجانب الحضاري للإسلام، سادت الأجواء مجموعة تعريفات تحض على الكراهية، وانحصرت في ضرورة تحذير المسلمين من التباين الواسع في الفهم الإسلامي والليبرالي لمسألة الحرية وحدودها، وتنوعت أساليب زندقة الغرب، وانشغلت التيارات المتشدة بالتكفير والعنف والهجوم، بدلاً من الاستعداد للظهور للعالم كقوة أخلاقية، قد تكون اللبنة الأولى لمجتمع متقدم أو متحضر، ورغم كل ما حدث في العالم طوال السنوات الماضية من جراء التشدد والتطرف، يعيدنا مثل هذا الحكم لواجهة المسؤولية من جديد، فهل يتعظ المسلمون مما جرى، الأيام حبلى بالرد! 
لقراءة المقال من المصدر على الرابط التالي:
https://www.noonpost.org/content/25349

في حالة ثبوت جريمة خاشقجي... كيف يمكن معاقبة المملكة السعودية؟

0


نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية مقال رأي للكاتب الألماني، ياريت بلانك، استعرض فيه أربعة إجراءات يمكن اتخاذها لمعاقبة المملكة العربية السعودية. وبعد أن اعترفت السعودية بمقتل الصحفي جمال خاشقجي، دعت مختلف الجهات الغربية إلى فرض جملة من العقوبات عليها. ويبدو أن هذا الإجراء غير ناجع، وهو ما يستوجب إتباع طرق أخرى.

وقال  الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد أن تبين أن المملكة العربية السعودية قد قتلت خاشقجي بشكل متعمد وبتخطيط مسبق،  أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن التفاوض مع نواب الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول مسألة فرض عقوبات على السعودية. ولكن يبدو أن هذا الإجراء غير صارم بما فيه الكفاية، بل يجب على واشنطن أن تتوقف عن دعمها المطلق للسياسة الخارجية السعودية.

وأكد الكاتب أن الرئيس الأمريكي يملك الوسائل الكفيلة لحظر أي دعم للسياسة السعودية. وفي حال امتنع عن ذلك، يجب على الكونغرس الأمريكي أن يتدخل. ويستند فرض عقوبات على المملكة العربية السعودية إلى قانون ماغنيتسكي الذي يخول للولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. ولكن إلى حد الآن، لم تبدي الحكومة الأمريكية أي استعداد لمحاسبة الحكام المستبدين.

وأشار الكاتب إلى أن الكونغرس الأمريكي لا يقدر على إجبار السلطة التنفيذية على فرض عقوبات، لكن يمكنه الضغط عليها في حال امتنعت عن ذلك. ويدل الإصرار على تطبيق قانون ماغنيتسكي أن العقوبات الأخرى لا تتناسب حقيقة مع الجرم الذي ارتكبته المملكة. من جهتها، أكدت مصادر مقربة من الحكومة السعودية أن الرياض ستخفض تكاليف إنتاج النفط في حال فرضت الحكومة الأمريكية عليها جملة من العقوبات، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط.

وأوضح الكاتب أن الإجراءات العقابية بموجب قانون ماغنيتسكي والعقوبات الاقتصادية لا تُعتبر وسائل ناجعة لإجبار المملكة العربية السعودية على تغيير سياستها.

وأفاد الكاتب أن أول إجراء يمكن أن تتخذه الولايات المتحدة الأمريكية ضد المملكة يتمثل في التخلي عن دعم الحرب اليمنية. و تُعتبر حادثة خاشقجي فرصة لتتخلى الحكومة الأمريكية عن دعم السعودية في اليمن خاصة وأن هذه الحرب قد خلفت مئات الآلاف من الضحايا. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية دعمت السعودية بشكل مباشر خلال عهدي الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب.

وأورد الموقع أن ثاني إجراء يمكن أن تتخذه الإدارة الأمريكية يكمن في اتخاذ موقف محايد من الصراع السعودي الإيراني. ويمكن أن تنأى الولايات المتحدة الأمريكية بنفسها عن السياسة العدائية ضد إيران عن طريق اتخاذ إجراءات أقل صرامة ضدها. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تستثني الإدارة الأمريكية تجارة النفط من العقوبات، كما يمكنها أن تضمن أن لا تؤثر العقوبات المفروضة على طهران على المساعدات الإنسانية. وبهذه الطريقة، يمكن للإدارة الأمريكية أن تخلق مناخا من الاستقرار في أسواق النفط دون مساعدة سعودية.

وأضاف الكاتب أن ثالث إجراء يمكن أن تتخذه الحكومة الأمريكية ضد السعودية يتمحور حول تقليص التعاون العسكري، حيث يجب تجميد العلاقات بين الأجهزة الاستخبارات السعودية ونظيرتها الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إعادة النظر في صفقات الأسلحة. في الأثناء، يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكتشف المتورطين في اغتيال خاشقجي بشكل مستقل وأن تتثبت من هوياتهم وفقا لاتفاقية لاهاي.

وبين الكاتب أن رابع إجراء يمكن أن تتخذه الولايات المتحدة الأمريكية ضد المملكة العربية السعودية هو التخلي عن الدعم المطلق لولي العهد محمد بن سلمان. وعلى الرغم من أن بن سلمان يتصرف بشكل متهور، إلا أن ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو، يصران على دعمه بشكل مطلق. في الأثناء، يمكن تهميش ولي العهد السعودي والتعامل مباشرة مع والده الملك سلمان بن عبد العزيز وبقية المسؤولين.

وأبرز الكاتب أن الكونغرس الأمريكي يملك الصلاحيات الكافية التي تسمح له بتقليص الدعم الأمريكي للحرب اليمنية وإلغاء تراخيص تصدير الأسلحة، علاوة على تكليف هيئات الرقابة بمراجعة العلاقات الأمريكية في المجالات الأخرى المتصلة بالأمن. كما يمكن للكونغرس الأمريكي أن يجري تحقيقا شفافا مع مختلف الأحزاب فيما يتعلق بالعلاقات المالية بين ترامب والمملكة العربية السعودية.

وفي الختام، ذكر الكاتب أن المملكة العربية السعودية على وعي بمدى ارتباطهابالولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بالمجال الأمني ومشروعها الحداثي. في المقابل، تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية للسعودية لتحقيق التوازن في أسواق النفط.

للاطلاع على نص التقرير الأصلي اضغط ها

لماذا قُتل جمال خاشقجي؟ إليك الأسباب…

0




خاشقجي «معارض سعودي» من نوع مختلف، فريد من نوعه، وهو معتدل ومعروف جيداً وصاحب علاقات واسعة تضم شخصيات من العائلة المالكة السعودية ومعارضين من أطياف وبلدان مختلفة وصحفيين وأكاديميين كبار، وهو كذلك مؤثر للغاية ولهذا تم قتله في بهذه الطريقة المروّعة! وكل الذين التقوه مؤخراً قالوا إن مسحة من الحزن والأسى، وربما اليأس كانت تخرج من بين «كلمات أبو صلاح» كما كان أصدقاؤه ينادونه، وكأنه كان يشعر بما سيحدث له في سفارة بلاده عما قريب.
عندما أتحدث عن الخوف والترهيب والاعتقالات والتشهير العام للمثقفين والزعماء الدينيين الذين يتجرؤون على التعبير عن آرائهم، ثم أقول لكم إنني من المملكة العربية السعودية، فهل يفاجئكم الأمر؟” كتب جمال في أول مقالة له بواشنطن بوست، معلناً موقفه الجديد، وأضاف: لقد كان أمراً مؤلماً بالنسبة لي قبل سنوات عديدة عندما اعتُقل عدةٌ من أصدقائي. لم أقل شيئاً. لم أرد أن أفقد وظيفتي أو حريتي. وقلقت بشأن عائلتي. وقد اتخذت خياراً مختلفاً الآن. تركت وطني وعائلتي ووظيفتي، وها أنا أرفع صوتي. إذ إن القيام بغير ذلك سيكون خيانة لهؤلاء القابعين في السجون. فأنا يمكنني التحدث عندما لا يستطيع كثيرون. أريدكم أن تعرفوا أن السعودية لم تكن دائماً مثلما هي الآن. ونحن السعوديون نستحق ما هو أفضل من هذا.

أسباب اغتيال جمال خاشقجي
في سعينا لاستعراض الأسباب التي جعلت مسؤولين سعوديين يقومون بقتل «المعارض السعودي» في سفارة بلاده في الخارج، تواصلنا مع محلل سياسي مطلع على قضية «اغتيال جمال» وأخبرنا إن قضية قتل جمال خاشقجي في السفارة ليست بهذه الصعوبة، ولا تحتاج لجهد كبير لكشف تفاصيلها مقارنة بعمليات أخرى معقدة. ومع ذلك لم يتسن للمسؤولين السعوديين تهريب خاشقجي خارج البلاد ولا تركه بعد أن قاموا باختطافه وتعذيبه، القضية بسيطة من الناحية الجنائية: دخل سفارة بلاده وقتل، ولا تعقيدات كبيرة في فهم ما جرى!

لهذا قتلوا «الرجل المعتدل» الذي يتحاشى وصفه بالمعارض
في حواراته كان جمال خاشقجي، يمدح وينقد، ويعترض ويوافق، ويؤيد بعض الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد محمد بن سلمان، ويعارض بعضها أيضاً، ولم يكن خاشقجي راديكالياً ولا جذرياً، ولم يطالب بإسقاط حكم العائلة السعودية للبلاد كما يفعل غيره من المعارضين في الخارج. وإضافة لذلك كان خاشقجي يتحاشى وصفه بـ «المعارض السعودي»، حسب الصحفي ديفيد هيرست الذي وصف نفسه «بصديقه» وأضاف هيرست أن خاشقجي «اعتبر نفسه ملكياً، ابناً للمؤسسة، وصحافياً مخضرماً في السياسة الخارجية، وكان لأمدٍ طويل داخل دائرة الديوان الملكي التي يكتنفها الغموض. وسافَرَ معهم في مناسباتٍ سابقة». ولم يشكك خاشقجي في شرعية الملكية السعودية، ولا قواعد تداول الحكم فيها، وكان مؤيداً للملك سلمان نفسه بعد توليه مقاليد الحكم.

صورة سابقة لجمال خاشقجي مع ولي العهد السعودي
ولكونه بهذه الاستثنائية واجه خاشقجي «انتقاماً استثنائياً»
لا يشكل حجم جمال خاشقجي ووزنه في الأوساط الإعلامية والدوائر الصحفية سبباً وحيداً لاستهدافه، ولكن أيضاً لاعتداله ورصانته وانفتاحه الشديد على أطياف ودوائر وأوساط مختلفة. فالصحفي السعودي معروف بكونه صاحب علاقات متوازنة مع المعارضين الإسلاميين والليبراليين على حد سواء في السعودية وخارجها، وله حضور قوي في قضايا إقليمية مهمة مثل سوريا ومصر واليمن، والملف الإيراني.

معضلة الشهرة والاعتدال والانفتاح.. لهذا قُتل خاشقجي!
وفضلاً عن ذلك يتمتع بعلاقات واسعة تضم معارضين إسلاميين عرباً، ومسؤولين أتراكاً، وإعلاميين وصحفيين غربيين، وأكاديميين ومثقفين ذوي شهرة وتأثير عالمي، وعموده الأسبوعي في صحيفة واشنطن بوست الأميركية يعكس مدى شهرته وتأثيره، الأمر الذي جعل الجريدة الكبرى تبقي عموده فارغاً في ذكرى مقاله الأسبوعي بعد اختفائه.
وكانت له صلاته القديمة بالقصر
وفضلاً عن العلاقات خارج السعودية، فالصحافي السعودي يتمتع بعلاقات واسعة أيضاً مع دوائر العائلة السعودية الحاكمة وكان يُقدم باعتباره صحافياً سعودياً مقرباً من القصر الملكي الحاكم في البلاد. وأصبح نائب رئيس تحرير صحيفة «أراب نيوز» في نهاية التسعينيات ولمدة أربع أعوام، وعُيّن رئيساً لتحرير صحيفة «الوطن» منذ 2004 وهو المنصب الذي أُقيل منه لاحقاً بطريقة غير مفهومة، وعيّن مديراً عاماً لقناة «العرب» الإخبارية التي كان مقرها في المنامة، والتي كانت مملوكة للأمير الوليد بن طلال، ولكن سرعان ما أغلقت بطريقة غامضة أيضاً. وعمل خاشقجي منذ 2004، مستشاراً إعلامياً للأمير تركي الفيصل -المدير العام للاستخبارات العامة السعودية سابقاً- والسفير السعودي السابق في لندن، ثم الولايات المتحدة الأميركية.
لكن هذه العلاقة لم تدم طويلاً
فقد أصدرت الخارجية السعودية بياناً في كانون الأول/ديسمبر 2015، وآخر في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 للتأكيد على أن جمال خاشقجي لا يمثل المملكة محذرة من التعامل معه على أساس تمثيله لأي جهة رسمية سعودية. ومنعت مقالات خاشقجي في صحيفة الحياة اللندنية المملوكة للأمير خالد بن سلطان في أيلول/سبتمبر 2017 عقب كتابته تغريدة تضامن فيها مع الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سلمان العودة.




وكان مؤيداً لبعض سياسات السعودية خاصة الخارجية منها
في مقاله «عن صديقه جمال خاشقجي» قال الصحفي البريطاني ديفيد هيرست إن خاشقجي
أيَّد -مبدئياً على الأقل- الحرب التي تقودها السعودية على اليمن. ومثل كثيرٍ من المُحلِّلين العرب السُنَّة، اعتقد أنَّ إيران قد تمادت في نشر نفوذها في العالم العربي السُنِّي، وأنَّ الوقت قد حان للمملكة السعودية كي تصدها. فضلاً عن أنَّه دافع عن عقوبة الإعدام. وأيَّد حملةً قمعية على الفساد – «في حال كانت صادقة». وأيَّد أيضاً محاولات تنويع الاقتصاد المُعتمِد على النفط وخصخصته. لكنَّ خاشقجي كان متمسِّكاً بمبدأ واحد، هو أنَّ الدائرة الصغيرة المُلتفَّة حول محمد بن سلمان لا يمكنها التحمُّل، وهو ما أكسبه عداءهم المُطلَق. وكان خاشقجي صادقاً. لم يكن من الممكن شراء ذمته. إذ أعلن رأيه، وكان واضحاً فيما يقول.

لكن «المملكة لم تكن بهذا القمع
هكذا عنون خاشقجي مقاله الأول في الصحيفة الأمريكية، مضيفاً «السعودية لم تكن بهذا القمع.. الآن لا تُطاق»، مُتحدثًا عن «حملة الاعتقالات الواسعة» التي طالت عددًا من المثقفين ورجال الدين في المملكة. وأضاف خاشقجي
«مع صعود ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة، وعد بتبنّي إصلاحات اجتماعية واقتصادية. وتحدّث عن جعل بلادنا أكثر انفتاحًا وتسامحًا، كما وعد بأنه سيأخذ بعين الاعتبار الأمور التي تقوّض تقدمنا، مثل حظر المرأة من قيادة السيارة، لكنني لا أشهد الآن سِوى موجة اعتقالات
.
وتنبأ باستهدافه شخصياً
وأضاف الكاتب السعودي فيما يشبه تفسيراً لعداء السلطة السعودية له إن
«المشهد كان دراماتيكيًا إلى حد كبير، إذ احتل رجال الأمن المُلثّمين المنازل حاملين كاميرات، صوّروا بها كل ما جرى، وصادروا ممتلكات الأشخاص من أوراق وكتب وأجهزة كمبيوتر. وذكر أن المُعتقلين وُجّهت إليهم تُهم تتمثّل في تلقّي أموال قطرية، إضافة إلى كونهم جزءًا من مؤامرة مدعومة من قطر، فيما اختار عدة آخرون -من بينهم أنا- المنفى «طوعًا»، وربما نواجه القبض علينا في حال عودتنا إلى الوطن.

باختصار: كان جمال خاشقجي وطنياً حريصاً على بلاده، وكان يأمل ألا يقطع حبال الود مع السلطات الحاكمة التي كان ناصحاً لها وآملاً أن تغير سياساتها وتعود لصوابها، لكنه فقد الأمل مؤخراً في أعقاب الأزمة الخليجية وحملات الاعتقال الواسعة في المملكة، وإضافة لذلك فقد كان حريصاً على صورة بلاده في الخارج، وهي الصورة التي ستتضرر كثيراً في الوقت الراهن.

قراءة المقال من المصدر:

https://arabicpost.net/politics/2018/10/07/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%82%D9%8F%D8%AA%D9%84-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%AE%D8%A7%D8%B4%D9%82%D8%AC%D9%8A%D8%9F-%D8%A5%D9%84%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7/

من هو جوليان أسانج؟... تعرف على مسرب الوثائق السرية الذي تريده أمريكا بأي ثمن

يعد جوليان أسانج في نظر أنصاره أحد الباحثين المناضلين بقوة من أجل الوصول للحقيقة. لكنه في نظر منتقديه شخص يبحث عن الشهرة عرّض حياة كثي...

بحث هذه المدونة الإلكترونية

بحث هذه المدونة الإلكترونية

Animation - Scroll IMG (yes/no)

Fixed Menu (yes/no)

Related Posts No. (ex: 9)

PageNavi Results No. (ex: 7)

الصفحة الأولى

Facebook

Advertising

ad

جميع الحقوق محفوظه © Arabs news عرب نيوز

تصميم الورشه