لا جديد يذكر ولا قديم يعاد في فحوى البيان الختامي للقمة العربية
المنعقدة في تونس الذي ندد وشجب ونوه كالعادة وخلا من المواقف الصارمة والجادة
والجديدة... حتى أن بعض وسائل الإعلام ركزت على المشاهد الطريفة والمواقف الغريبة
التي ميزت أشغال هذه القمة التي أصبحت مجرد لقاء بين كبار القادة العرب الذي تجاوز
أغلبهم سن السبعين أو الثمانين يحتسون خلاله الشاي والقهوة في يومين أو ثلاث قبل
أن يعودوا إلى بيوتهم... أو بالأحرى قصورهم وأبراجهم العالية.
هكذا هي إذن القمم العربية التي أصبحت تعقد من أجل أن تعقد فقط كإجراء
إداري بيروقراطي يستجيب لمجرد رزنامة روتينية يجمع قادة ورؤساء الدول العربية
لمناقشة قضايا حساسة وأحداث خطيرة تحدق بالعالم العربي والإسلامي وشعوبهما... قبل
أن تخرج هذ القمم ببيانات بعيدة كل البعد كالعادة أيضا عن الواقع وتطلعات الشعوب
والجماهير العربية.
وكالعادة أيضا...لم تولي القمة العربانية أي اهتمام للقضية الفلسطينية
وآخر الأحداث والتطورات في الأراضي المحتلة والقصف الإسرائيلي على غزة، فلم تحمل
القرارات في هذا الجانب أي جديد... بل أعطت مؤشرات أخرى على ترطيب وتليين المواقف
تجاه الكيان الصهيوني... كيف لا ومعظم الدول والمماليك العربية تدفع اليوم دفعا
إلى التطبيع مع إسرائيل.
في المقابل، رفض رؤساء دول وحكومات الدول العربية رفضا قاطعا القرار
الأخير الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بالاعتراف بسيادة إسرائيل
على أرض الجولان السورية... ولكن كالعادة أيضا توقف الموقف عند مجرد
"الرفض" و"التنديد" و...بس.
كما تناولت القمة الأوضاع في اليمن باحتشام كي لا تسبب إحراجا للعربية
السعودية وكذا العلاقات مع إيران حيث تباينت المواقف والرؤى...
في المحصلة، ونحن نرى بأن القمة العربية باتت تصنف في خانة اللاحدث،
أصبحنا نعتبرها وكأنها ذلك الفيلم الصامت الذي يبث بالأبيض والأسود فقط... فمواقف
الزعماء العرب تجاوزتها الأحداث والتطورات العالمية الجيوستراتيجية بحيث أصبح ثمة
لا فرق بين صمتهم أو كلامهم وردود أفعالهم لا تزيد ولا تنقص من شيء ومواقفهم لا
تسمن ولا تغني من جوع وكأن العالم العربي والإسلامي صار مجرد رقعة جغرافية لا وزن
لها على الساحة السياسية والاقتصادية والجيوسياسية العالمية... حتى مشاهد نوم
القادة أثناء قراءة البيان الختامي للقمة بات من الأمور المعتادة التي اعتادت عليها
الجماهير العربية... التي أصبحت لا تنتظر شيئا من رؤسائها حتى بعض المواقف المشرفة
التي قد تحفظ ماء الوجه في ظل صراعات دولية حاسمة ورهانات وتهديدات عالمية قد تحدق
بالمنطقة.
عرب نيوز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق