في
فجر يوم السبت 14 أفريل 2018، تعرضت سوريا إلى قصف ثلاثي مكثف جوا وبحرا بقيادة
الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا كرد على الهجوم بالأسلحة الكيميائية
على منطقة دوما الذي من المفترض أن يكون اقترفه نظام الأسد.
وبالرغم
من انعدام أبسط الأدلة حول الإتهام الموجه للأسد باستعماله الأسلحة الكيميائية،
وبالرغم من أن التحقيق حول استخدام السلاح الكيميائي مازال قيد الإجراء ولم يتوصل
بعد إلى نتائج مقنعة، إلا أن القوى الغربية بقيادة أمريكا نفذ صبرها وقررت - بعيدا
عن صخب مجلس الأمن - قصف مناطق متعددة من سوريا بحجة تدمير مواقع تصنيع السلاح
الكيميائي السوري.
إن
هذا السيناريو الذي نشاهده هذه الأيام، يذكرنا مباشرة بالمشاهد التي شاهدناها يوم
الحرب على العراق وقبلها أفغانستان، يوم قررت أمريكا وحلفائها بنفس الطريقة شن
هجمات على نظام صدام حسين لتدميره نهائيا وتدمير بعد ذلك دولة بأكملها إسمها
العراق. والغريب في الأمر أنها قامت بذلك لنفس الحجة والسبب تقريبا، وهو حيازة
العراق على أسلحة دمار شامل، ليتضح بعدها بأن العراق لم يكن يملك أي سلاح للدمار
الشامل وهو الذي كان ضحية حصار جائر أتى على الأخضر واليابس وجوع الشعب العراقي
وحطم اقتصاد البلد... واتضح بعدها بأن المسألة كانت مجرد عملية تسويق سياسي محبك
بعناية وحملة أمريكية شعواء لإقناع العالم بأن العراق هو الشيطان الأكبر والخطر
القادم على البشرية... ولم تنجر حينها دولة مثل فرنسا إلى هذه الخدعة السياسية
التي كان أثرها وخيما على منطقة الشرق الأوسط برمتها.
إذن...
نحن أمام نفس السيناريو ونفس التهم ونفس المشاهد، وربما يكمن الاختلاف الوحيد في
عزم القوى الإمبريالية الجديدة بقيادة ترامب على إضعاف الجبهة الروسية وتهديدها في
عقر مناطق نفوذها بداية من سوريا التي تملك على أراضيها العديد من القواعد
العسكرية الإستراتيجية والمشاريع الاقتصادية.
إن
الخطة التي تعتمدها اليوم أمريكا وحلفائها هي مواجهة النفوذ المتواصل لروسيا
وحلفائها مثل إيران، الصين، تركيا، العراق... بحيث بات جليا بأن هذا المحور يقف
اليوم حجرة عثرة أمام القوى الغربية مثل بريطانيا وفرنسا وتحت إمرة الولايات
المتحدة الأمريكية.
بات
من الواضح أيضا بأن الهجوم على سوريا ما هو إلا خطوة أولى في مسار مواجهات قادمة
بين القطبين، وأن الصراع هو صراع نفوذ ومعركة اقتصادية... وفي المحصلة هي إعادة
توزيع الأوراق في منطقة الشرق الأوسط التي عرفت خلال سنوات قلائل تحولات وتغيرات
لم تعرفها منذ سنوات طويلة.
وفي الوقت الذي صرحت فيه الدول التي قادت الهجوم بأن
قدرات نظام الأسد على تطوير أسلحة كيميائية قد دمرت بالكامل في هذا القصف
"الدقيق"... تبقى الأيام القادمة هي وحدها التي ستكشف لنا النية المبيتة
لحلفاء أمريكا الذين فضلوا خوض حرب "استباقية" ... وكما يقال: أفضل
الدفاع هو الهجوم !!
عرب نيوز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق